عن عبد الله بن جعفر، قال: كان علي قد شنف الأشتر، وكان إذا سألته شيئاً يمسني سألته بحق جعفر فأعطاني، فقلت له: إن الأشتر من علية أصحابك ودواهيهم، فلو أرسلته إلى مصر، فإن افتتحها كان ذلك، وإن قتل كنت قد استرحت منه؛ فأبى. فلم نزل به حتى فعل.
قال: وكان عندي طيران من العرب فأرسلتهما معه، فلم يلبثا أن رجعا، فقلت: ما الخبر؟ فقالا: ما هو إلا أن وردنا القلزم تلقاه أهل مصر بما تتلقى به الأمراء من الأطعمة والأشربة، فطعم، وشرب شربة عسل، فمات.
فدخلت إلى علي فأخبرته، فقال: لليدين والفم.
عن عامر الشعبي: إن علياً كان استعمل الأشتر على مصر؛ قال: واسمه مالك بن الحارث، فخرج فأخذ طريق الحجاز، حتى مر بالمدينة، فاتبعه مولى لعثمان يقال له: نافع، فخدمه وألطفه وحف له؛ فقال له الأشتر: من أنت؟ فقال: أنا نافع مولى عمر بن الخطاب.
قال: وكان الأشتر محباً لعمر بن الخطاب؛ فأدناه الأشتر وقربه، وولاه أمره كله؛ فلم يزل معه كذلك حتى نزل الأشتر عين شمس، وتلقاه أشراف أهل مصر، فتغدى الأشتر بها، فأتى بسمك فأكل منه، فأنبتت عنقه، فمات.
ففتشوا متاعه فوجدوا عهده من علي في ثقله، فقرؤوه، فوجدوا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى الملأ الذين عصوا الله من بعد ما عصي الله في الأرض، وضرب الجود بأرواقه على البر والفاجر، فلا حق يتربع إليه، ولا منكر يتناهى عنه.