عندي خيراً فأهنته، ولا أصابته عند نفسه مصيبة فأعزيته، ولا كنت زواراً له فأتيته.
عن أبي الصصهباء التيمي، قال: جئت وإذا محارب بن دثار قائم يصلي، فلما رآني أخف الصلاة، ثم جلس فجلس في مجلس القضاء، ثم بعث إلي: أمخاصم، أو مسلم، أو حاجة؟ قال؟ قلت: لا، بل مسلم. فذهب الرسول فأخبره، ثم أتاني فقال لي: قم. قال: فسلمت عليه: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أجلس في هذا المجلس الذي ابتليتني به وقدرته علي إلا وأنا أكرهه وأبغضه، فاكفني شر عواقبه.
قال: ثم أخرج خرقة نظيفة فوضعها على وجهه، فلم يزل يبكي حتى قمت.
قال: فمكثت ما شاء الله، ثم ولي بعده ابن شبرمة. قال: فجئت فإذا هو قائم يصلي، فلما رآني أخف الصلاة، ثم بعث إلي: أمخاصم، أو مسلم، أو حاجة؟ قال: قلت: بل مسلم. فذهب الرسول فأخبره، ثم أتاني، وقال: قم؛ فقمت فسلمت عليه وجلست إلى جنبه، فقال: حدثني حديث أخي محارب بن دثار: فحدثته بالحديث؛ فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجلس في هذا المجلس الذي ابتليتني به إلا وأنا أحبه وأشتهيه، فاكفني شر عواقبه. ثم أخرج خرقة فوضعها على وجهه، فما زال يبكي حتى قمت.
عن عنبسة بن الأزهر، قال: كان محارب بن دثار قاضي الكوفة قريب الجوار مني، فربما سمعته في بعض الليل يقول ويرفع صوته: أنا الصغير الذي ربيته، فلك الحمد؛ وأنا الضعيف الذي قويته، فلك الحمد؛ وأنا الفقير الذي أغنيته، فلك الحمد؛ وأنا الصعلوك الذي مولته، فلك الحمد؛ وأنا الأعزب الذي زوجته، فلك الحمد؛ وأنا الساغب الذي أشبعته، فلك الحمد؛ وأنا العاري الذي كسوته، فلك الحمد؛ وأنا المسافر الذي صاحبته، فلك الحمد؛ وأنا الغائب الذي أديته، فلك الحمد؛ وأنا الراحل الذي حملته، فلك الحمد؛ وأنا المريض الذي شفيته، فلك الحمد؛ وأنا الداعي الذي أجبته، فلك الحمد؛ ربنا فلك الحمد، ربنا حمداً كثيراً على كل حمد.