مروان نبلاً وفضلاً وكرماً وجمالاً، فلما قتل الوليد بلغ أهل حمص قتله فأغلقوا أبوابها وأقاموا النوائح والبواكي حتى جاء العباس بن الوليد، فمال إلى عبد العزيز بن الحجاج، فوثب أهل حمص فهدموا دار العباس وانتهبوها، وسلبوا حرمه، وأخذوا بنيه فحبسوهم، وطلبوه، فخرج إلى يزيد ابن الوليد، وكاتبوا الأجناد، ودعوهم إلى الطلب بدم الوليد، فأجابوهم؛ فكتب أهل حمص بينهم كتاباً إلا يدخلوا في طاعة يزيد، وإن كان ولياً عهد الوليد حيين فالبيعة لهما، وإلا جعلوها لخير من يعلمون، على أن يعطيهم العطاء من المحرم إلى المحرم ويعطي الذرية، وأمروا عليهم معاوية بن يزيد بن حصين، فكتب إلى مروان بن عبد الله بن عبد الملك بن مروان وهو بحمص في دار الإمارة، فلما قرأه قال: هذا كتاب حضره من الله حاضر. وتابعهم على ما أرادوا.
فلما بلغ يزيد بن الوليد خبرهم وجه إليهم رسلاً فيهم يعقوب بن عمير بن هانئ، وكتب إليهم: إنه ليس يدعو إلى نفسه، ولكن يدعوهم إلى الشورى. فقال عمرو بن قيس السكوني: رضينا بولي عهدنا - يعني الوليد بن يزيد - فأخذ يعقوب بن عمير بلحيته، فقال: لأيها العشمة، إنك قد فيلت وذهب عقلك، إن الذي تعني لو كان يتماً في حجرك لم يحل لك أن تدفع إليه ماله، فكيف أمر الأمة؟ فوثب أهل حمص على رسل يزيد بن الوليد، فطردوهم.
وكان أمر حمص لمعاوية بن يزيد بن حصين، وليس إلى مروان بن عبد الله من أمرهم شيء. وكان معهم السمط بن ثابت، وكان الذي بينه وبين معاوية بن يزيد متباعداً، " وكان معهم أبو محمد السفياني فقال لهم: لو قد أتيت دمشق ونظر إلي أهلها لم يخالفوني ". فوجه يزيد بن الوليد مسرور بن الوليد، والوليد بن روح في جمع كبير، فنزلوا حوارين، أكثرهم بنو عامر من كلب؛ ثم قدم على يزيد سليمان بن هشام من عمان، فأكرمه يزيد، وتزوج أخته أم هشام بنت هشام بن عبد الملك. ورد عليه ما كان الوليد أخذه من أموالهم، ووجهه إلى مسرور بن الوليد والوليد بن روح، وأمرهما بالسمع والطاعة له، وأقبل أهل حمص فنزلوا قرية كانت لخالد بن يزيد بن معاوية.