ولا برحت لك الدنيا فداء ... وملكك من حوادثها سليم
وإن تك في سبيل الله تشقى ... فعند الله أجرك والنعيم
وأنشدني أبو اليسر له أبياتاً قالها في الملك العادل أبي القاسم محمود بن زنكي: " من الكامل "
يا صاح هل لك في احتمال تحية ... تهدى إلى الملك الأغر جبينه
قف حيث تختلس النفوس مهابة ... ويغيض من ماء الوجوه معينه
فهنالك الأسد الذي امتنعت به ... وبسيفه دنيا الإله ودينه
فمن المهندة الرقاق لباسه ... ومن المثقفة الدقاق عرينه
تبدو الشجاعة من طلاقة وجهه ... كالرمح دل على القساوة لينه
ووراء يقظته أناة مجرب ... لله سطوة بأسه وسكونه
هذا الذي في الله صح جهاده ... هذا الذي في الله صح يقينه
هذا الذي بخل الزمان بمثله ... والمشمخر إلى العلى عرنينه
هذا عماد الدين وأبن عماده ... ثبتاً كما انشق الوشج رصينه
هذا الذي تقف الملوك ببابه ... هذا الذي تهب الألوف يمينه
ملك الورى ملك أغر متوج ... لا غدره يخشى ولا تلوينه
إن حل فالشرف التليد أنيسه ... أو سارف فالظفر العزيز قرينه
فالدهر خاذل من أراد عناده ... أبداً وجبار السماء معينه
والذين يشهد إنه لمعزه ... والشرك يعلم إنه لمهينه
ما زال يقسم أن يبدد شمله ... والله يكره أن تمين يمينه
حتى رمى بالأهوجية ركنه ... فانهد شامخه وحض ركينه
فتح الرها بالأمس فانفتحت له ... أبواب ملك لا يدال مصونه
دلف الأمير لها يهب لنصره ... منها مبارك طائر ميمونه
وغداً يكون له بأنطاكية ... مشهور فتح في الزمان مبينه
طعن الجيوش برأيه وسنانه ... يوم اللقاء فما أبل طعينه