وعبد الملك بن مروان وعبد الرحمن بن أم الحكم ومصعب بن الزبير، فأنزلهم في منازل حسنة وأكرمهم، ووافق ذلك قدوم زياد عليه. فقال له معاوية: يا أبا المغيرة، إنه قدم علي شباب من قومي يزعم أهل المدية وغيرهم أنهم أفضل من وراءهم، فأت كل رجل منهم حتى تجالسه وتسأله وتبلوا ما عنده، ثم انصرف فعرفني.
فجعل زياد يزور كل واحد منهم فيتحدث عنده ساعة، ومنهم من يتحدث عنده يزماً وليلة، ثم أتاه، فقال: صفهم لي ولا تسمهم؛ فقال: أما رجل منهم فبسيط اللسان، حسن العقل، لم يدع التيه فيه فضلاً، وهو خليق أن يطلب هذا الأمر فتعطيه. قال: هو - والله - عمرو بن سعيد. قال: هو هو.
قال: ورجل له مثل عقله، حسن اللسان، إلا أن لصاحبه فضل حلاوة عليه، فذكر العفة ويتحظى بها، وهو خليق أن يبلغ غايته في نفسه. قال: هو - والله - عبد الملك. قال: هو هو.
قال: ورجل آخر هو أحيا من فتاة مخدرة حيية، وهو أحبهم إلي، لك أن تصطنعه. قال: هذا - والله - مصعب بن الزبير. قال: هو هو.
قال: وكيف رأيت عبد الرحمن؟ قال: قد غلب عليه قول الشعر وذهب به. قال: لعن الله من لا يموت دونك.
قال الزبير بن بكار في تسمية ولد الزبير: ومصعب وحمزة ورملة بني الزبير، وأمهم الرباب بنت أنيف بن عبيد بن قصاد بن كعب بن عليم بن جناب بن هبل، من كلب، وكان مصعب سمى آنية النحل، من كرمه وجوده. قال الشاعر:" من الطويل "
لا تحسب السلطان عاراً عقابها ... ولا ذلة عند الحفئظ في الأصل
فقد قتل السلطان عمراً ومصعباً ... قريعي قريش واللذين هما مثلي