عن الحرمازي، قال: بلغني أن الحجاج بعث إلى مطرف بن عبد الله أيام ابن الأشعث - وكان من اعتزل أو قاتل عند الحجاج سواء - فقال له: أشهد على نفسك بالكفر. فقال: إن من خلع الخلفاء، وشق العصا، وسفك الدماء، ونكث البيعة، وأخاف المسلمين لجدير بالكفر. فقال الحجاج: يا أهل الشام، إن المعتزلون هم الفائزون. وخلى سبيله.
قال مطرف: إن من أحب عباد الله إلى الله الصبار الشكور، الذي إذا ابتلي صبر وإذا أعطي شكر.
وقال: الخير الذي لا شر فيه الشكر مع العافية، فكم من منعم عليه غير شاكر، وكم من مبتل غير صابر.
عن زهير البابي، قال: مات ابن لمطرف بن عبد الله بن الشخير، فخرج على الحي قد رجل لمته ولبس حلته، فقيل له: أنرضى منك بهذا وقد مات ابنك؟ فقال: أتأمروني أن استكين للمصيبة؟ فوالله لو أن الدنيا وما فيها لي وأخذها الله مني ووعدني عليها شربة ماء غداً ما رأيتها لتلك الشربة أهلاً، فكيف بالصلوات والهدى والرحمة؟ عن ثابت البناني، قال:
أتينا مطرف بن عبد الله في باديته، فإذا هو يلعب مع صبيان له، فلما رآنا قام إلينا ليستقبلنا، فلم يزل يحضر حتى جر إزاره. قال: فما ترك منا أحداً إلا قبله، ثم قال: بأبي أنتم، إذا كنت وحدي فإنما أنا صبي، فإذا رأيتموني ذكرتموني الآخرة. قال: ثم دخلنا بيتاً له يذكر فيه، قال: فقرأ علينا سورة من القرآن، وذكر ربه، وصلى على نبيه، ودعا بدعاء حسن تعجبنا من حسنه. قال: وقال لي: يا ثابت، أترى الله قد استجاب لنا؟ فقلت: ماشاء الله. فقال: وما يمنعه أن لا يستجيب؟ وقد اجتمعنا قوم لا بأس بنا، وقرأنا القرآن، وذكرناربنا، وصلينا على نبينا، ودعونا الله، فما يمنعه أن لا يستجيب لنا؟