ليلة، ومن كل ثلاثة أيام يوماً؛ ثم انطلقنا ثلاثتنا حتى أتينا بيت المقدس، فسمعت اليهود بنعيم وكعب فاجتمعوا، فقال كعب: إن هذا الكتاب قديم، وإنه بلغتكم فاقرؤوه. فقرأه قارئهم، فأتى على مكان فضرب به الأرض، فغضب نعيم واخذ الكتاب وقال: إن هذا كتاب قديم لا أدعكم تقرؤونه. فقالوا: إنه فعل ذلك عن غير مؤامرة منا. فلم يزالوا يطلبون إليه حتى قال: فإني أمسكه في حجري وتقرؤونه. فأمسكه في حجره وقارئهم يقرؤه حتى أتى على ذلك المكان " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " فأسلم منهم اثنان وأربعون حبراً، وذلك في خلافة معاوية، ففرض لهم معاوية وأعطاهم.
فقال همام: فحدثني بسطام بن مسلم أن معاوية بن مرة حدثه أنهم تذاكروا ذلك الكتاب، فمر بهم شهر بن حوشب فقال: على الخبير سقطتم؛ إن كعباً لما احتضر قال: ألا رجل أئتمنه على أمانة يؤديها. فقال رجل: أنا. فدفع إليه ذلك الكتاب وقال: اركب البحيرة، فإذا بلغت مكان كذا وكذا فاقذفه. فخرج من عند كعب فقال: هذا كتاب فيه علم من علم كعب، ويموت كعب فأضعه في أهلي واخبره أن قد فعلت الذي أمرتني. فأتى كعباً فقال: ما صنعت؟ قال: فعلت الذي أمرتني. قال: وما رأيت؟ قال لم أر شيئاً. فعلم كعب بالموت أنه كذب، فلم يزل يناشده ويطلب إليه حتى رد عليه الكتاب. فلما أيقن كعب بالموت قال: ألا رجل أئتمنه على أمانة يؤديها؟ فقام رجل من بني عمنا قد كنا نأبنه بالقوة والورع، فدفع إليه ذلك الكتاب، وقال: اركب البحيرة، فإذا بلغت مكان كذا وكذا فاقذفه. فركب سفينة هو وأصحاب له، فلما أتى ذلك المكان ذهب ليقذفه، فانفرج له البحر حتى راى جديد الأرض، فقذفه، وهاجت، فدارت بهم السفينة حتى خشوا الغرق، ثم استقامت لهم. فأتى كعباً فقال: ما صنعت؟ فقال: فعلت الذي أمرتني. قال: فما رأيت؟ قال: فأخبره الرجل بالذي رأى فعلم كعب أنه قد صدق. وقال كعب: إنها التوراة كما أنزلها الله على موسى ما غيرت ولا بدلت. ولكن خشيت أن يتكل على ما فيها، ولكن قولوا: لا إله إلا الله، ولقنوها موتاكم.