عن عائشة، قالت: لما كان يوم أم حبيبة من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دق الباب داق، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" انظروا من هذا " قالوا: معاوية. قال:" ائذنوا له " فدخل وعلى أذنه قلم لم يخط به، فقال:" ما هذا القلم على أذنك يا معاوية؟ " قال: قلم أعددته لله ولرسوله. فقال:" جزاك الله عن نبيك خيراً، والله ما استكتبتك إلا بوحي من الله، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله عز وجل، كيف بك لو قمصك الله قميصاً - يعني الخلافة -؟ " فقامت أم حبيبة فجلست بين يديه فقالت: يا رسول الله، وإن الله مقمص أخي قميصاً؟ قال:" نعم، ولكن فيه هنات وهنات وهنات " فقالت: يا رسول الله، فأدع الله له. فقال:" اللهم اهده بالهدى، وجنبه الردى، واغفر له في الآخرة والأولى ".
عن يزيد بن عبد الله الطبري، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت علي بن أبي طالب بخطب على منبر الكوفة وهو يقول: والله لأخرجنها من عنقي ولأضعنها في رقابكم، ألا إن خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم أنا، ما قلت ذلك من قبل نفسي، ولأخرجن ما في عنقي لمعاوية بن أبي سفيان، لقد استكتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا جالس بين يديه، فأخذ القلم فجعله في يده، فلم أجد من ذلك في قلبي إذ علمت أن ذلك لم يكن من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان من الله عز وجل، ألا إن المسلم من سلم من قصتي وقصته.
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هبط علي جبريل ومعه قلم من ذهب إبريز فقال لي: إن العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يقول لك: حبيبي، قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية بن أبي سفيان، فأوصله إليه، ومره أن يكتب آية الكرسي بخطه بهذا القلم، ويشكله ويعجمه، ويعرضه عليك، فإني قد كتبت له من الثواب بعدد كل من قرأ آية الكرسي من ساعة يكتبها إلى يوم القيامة ". فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" من يأتيني بأبي عبد الرحمن؟ " فقام أبو بكر الصديق ومضى حتى أخذ بيده وجاءا جميعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلموا عليه، فرد السلام، ثم قال لمعاوية:" أدن مني يا أبا عبد الرحمن، أدن مني يا أبا عبد الرحمن ". فدنا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدفع إليه القلم، ثم قال له: "