أجتمعت متوافرة ثم رمي به فيها لخرج من أي أعراضها شاء.
وعزى عمر أبا سفيان بابنه يزيد، فقال له أبو سفيان: من جعلت على عمله؟ قال: جعلت أخاه معاوية؛ وأبناك مصلحان، ولا يحل لنا أن ننزع مصلحاً.
وعن إسماعيل بن أمية: أن عمر بن الخطاب أفرد معاوية بالشام ورزقه ثمانين ديناراً في كل شهر.
وقيل: إن الذي أفرد معاوية بالشام عثمان بن عفان.
ذكر معاوية عند عمر بن الخطاب فقال: دعونا من ذم فتى قريش وابن سيدها، من يضحك في الغضب، ولا ينال على الرضا، ومن لا يأخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه.
ولما خرج عمر إلى الشام وقرب من دمشق تلقاه معاوية في موكب له رز، وعمر على حمار إلى جانبه عبد الرحمن بن عوف على حمار آخر، فلم يرهما معاوية فطواهما، فقيل له: خلفت أمير المؤمنين وراءك، فرجع، فلما رآه نزل عن دابته، فأعرض عنه عمر، ومشى حتى تعلق نفسه بأرنبته، فقال له عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين! أجهدت الرجل، فقال: عمر: يا معاوية: نعم. فرفع عمر صوته فقال: ولم ويلك؟! فقال: إني في بلاد لا يمتنع فيها من جواسيس العدو، ولا بد لهم مما يرهبهم من آلة السلطان، فإن أمرتني أقمت عليه، وإن نهيتني عنه أنتهيت. فقال عمر: يا معاوية! والله ما بلغني عنك أمر أكرهه فأعاتبك عليه إلا تركتني منه في أضيق من رواجب الضرس، فإن كان ما قلت حقاً إنه لرأي أديب، وإن كان باطلاً إنها لخدعة أريب، لا آمرك به ولا أنهاك عنه. فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين! لأحسن الفتى المصدر فيما أوردته فيه! فقال عمر: لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه.