الخراج، ولحق بمعاوية. فكتب إليه إن هذا أدب سوء، فابعث به إلي. فكتب إليه: لا يصلح أن نسوس الناس أنا وأنت بسياسة واحدة؛ فإنا إن نشتد نهلك الناس، ونخرجهم إلى أسوأ أخلاقهم، وإن لنا جميعاً أبطرهم ذلك، ولكن ألين وتشتد، وتلين وأشتد، فإذا خاف خائف وجد باباً يدخله.
وفي حديث آخر: ولتكن للشدة والفظاظة والغلظة، وأكون أنا للين والألفة والرحمة.
كتب عمرو بن العاص إلى معاوية يعاتبه في التأني، فكتب إليه معاوية: أما بعد؛ فإن التفهم زيادة ورشد، وإن الرشيد من رشد عن العجلة، وإن الخائب من خاب عن الأناة، وإن المتثبت مصيب، أو كاد يكون مصيباً، وإن العجل يخطئ، أو كاد يكون مخطئاً، وإنه من لا ينفعه الرفق يضره الخرق، ومن لا تنفعه التجارب لا يدرك المعالي، ولا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحلم.
قيل لمعاوية: إنا نراك تقدم حتى نقول يقبل، وتتأخر حتى نقول لا يرجع! قال: أتقدم ما كان التقدم غنماً، وأتأخر ما كان التأخر حزماً.
قال بعض الشعراء: من الطويل
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة ... وإن لم يكن لي فرصة فجبان