فقال: أما ما أبقى الله لي أمير المؤمنين، فلن يسوءني الله، ولن يخزيني. فأعطاه ألف ألف ما بين عروض وعين. فقال: اقسم هذا في أهلك.
قال عبد الله بن جعفر: كنت مع معاوية في خضراء دمشق، إذ طلعت رؤوس إبل من نقب المدينة فقال: مرحباً وأهلاً بفتيان من قريش، أنفقوا أموالهم في مروآتهم وأدنوا فيها، ثم قالوا: نأتي أمير المؤمنين فيخلف لنا أموالنا، ويقضي عنا ديوننا. والله لا يحلون عنده حتى يرجعوا بجميع ما سألوا. قال: فدخلوا على معاوية وأنيخت ركابهم، فخرجوا من عنده بحوائجهم حتى عادوا إلى ظهور رواحلهم منصرفين إلى أوطانهم.
ثم شهدت عبد الملك بن مروان في تيك الخضراء، إذ طلعت رؤوس إبل من نقب المدينة، فقال عبد الملك: لا مرحباً ولا سهلاً، فتيان من فتيان المدينة، أنفقوا أموالهم وأدانوا فيها. فقالوا: نأتي أمير المؤمنين فيقضي عنا ديوننا، ويقرعنا للذاتنا. والله لا يحلون عنده حتى يرجعوا كما جاؤوا. قال: ثم أمر بهم فنخس بهم. قال: فعجبت لتباعد الأمرين مع قربهما.
قيل لمعاوية: أيكم كان أشرف، أنتم أو بنو هاشم؟ قال: كنا أكثر أشرافاً وكانوا أشرف واحداً، لم يكن في بني عبد مناف مثل هاشم، فلما هلك كنا أكثر عدداً وأكثر أشرافاً، وكان فيهم عبد المطلب، ولم يكن فينا مثله، فصرنا أكثر عدداً وأكثر أشرافاً، ولم يكن فيهم واحد كواحدنا، وما كان إلا كقرار العين، حتى جاء شيء لم يسمع الأولون بمثله ولا يسمع الآخرون بمثله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.