قال أبو الزبير المكي: مررت أنا وطاوس فإذا معبد الجهني جالس في جانب المسجد، قلت لطاوس: هذا الذي يقول في القدر ما يقول. فعدل إليه طاوس حتى وقف عليه وقال: أنت المفتري على الله القائل ما لا تعلم؟ قال معبد: يكذب علي.
قال أبو الزبير: عدلنا إلى ابن عباس فذكرنا شأن من يقول في القدر، فقال ابن عباس: ويحكم! أروني بعضهم. قلنا: ما أنت صانع به؟ قال: والذي نفسي بيده، لئن أريتموني منهم أحداً لأجعلن يدي في رأسه ثم لأدقن عنقه.
قال مالك بن دينار: لقيت معبد الجهني بمكة بعد ابن الأشعث وهو جريح، وقد قاتل الحجاج في المواطن كلها فقال: لقيت الفقهاء والناس، لم أر مثل الحسن: ياليتنا أطعناه. كأنه نادم على قتال الحجاج.
كان الحجاج يعذب معبداً الجهني بأصناف العذاب، ولا يجزع ولا يستعتب، فكان إذا ترك من العذاب يرى الذباب مقبلة تقع عليه فيصيح ويضج، قال: فيقال له، قال: أما إن هذا من عذاب بني آدم فأنا أصبر عليه، وأما الذباب من عذاب الله فلست أصبر عليه. فقتله.
وقيل: إن عبد الملك قتل معبداً وصلبه بدمشق في سنة ثمانين أو بعد الثمانين.