عروة قد استعان في حمل دية، فأعانه الرجل بالفريضتين والثلاث، وأعانه أبو بكر بعشر فرائض؛ فكانت هذه يد أبي بكر عند عروة بن مسعود.
قالوا: وكان مع المغيرة لما خرج مع بني مالك وأوقع بهم حليفان له، يقال لأحدهما دمون - رجل من كندة - والآخر الشريد، وإنما كان اسمه عمرو، فلما صنع المغيرة بأصحابه ما صنع شرد فسمي الشريد فلما قتلهم ونظر إليهم دمون تغيب عنه وظن أن المغيرة إنما حمله على قتلهم السكر، فجعل المغيرة يطلب دمون ويصيح به ويقلب القتلى فلا يراه، فبكى، فلما رأى ذلك دمون خرج إليه فقال له المغيرة: ما غيبك؟ قال خشيت أن تقتلني كما قتلت القوم. قال المغيرة: إنما قتلت بني مالك لما صنع بهم المقوقس. وأخذ المغيرة أمتعتهم وأموالهم ولحق بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأسلم المغيرة، وقدم الشريد مكة، فأخبر أبا سفيان بن حرب بما صنع المغيرة ببني مالك، فبعث أبو سفيان معاوية إلى عروة بن مسعود يخبره الخبر.
قال معاوية: خرجت حتى إذا كنت بنعمان قلت في نفسي: إن أسلك ذا غفار فهي أبعد وأسهل، وإن سلكت ذا العلق فهي أغلظ وأقرب؛ فسلكت ذا غفار، فطرقت عروة بن مسعود من الليل فأخبرته الخبر، فقال عروة: انطلق إلى مسعود بن عمرو المالكي، فو الله ما كلمته منذ عشر سنين، والليلة أكلمه، فخرجنا إلى مسعود، فناداه عروة، فقال: من هذا؟ فقال عروة: فأقبل مسعود إلينا وهو يقول: