فغزى وافتتح نهر تيرى، ورجع فأقام بالبصرة. وكان بالبصرة امرأة من بني هلال يقال لها أم جميل، وكانت امرأة حادرة، وكان لها زوج من ثقيف يقال له الحجاج بن عبيد فهلك، فكان المغيرة يدخل عليها، فبلغ ذلك أهل البصرة فأعظموه، حتى أساء به الظن أناس من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل عليه الرصد، فخرج المغيرة يوماً من الأيام حتى دخل عليها، فانطلق أبو بكرة الثقفي، ومسروح بن يسار، وزياد بن عبيد - أخو أبي بكرة لأمه، واستلحقه معاوية؛ وأم أبي بكرة وزياد سمية - وشبل بن معبد البجلي - وكان شريفاً - ولم يكن بالبصرة رجل من بجيلة غيره، ونافع بن الحارث بن كلدة؛ فأتوا الباب، فكشفوا الستر والمغيرة مع المرأة، فشهدوا أنه قد واقعها.
وقيل: إن أبا بكرة والمغيرة كانا متجاورين بينهما طريق، وكانا في مشربتين متقابلتين لهما في داريهما، في كل واحدة منهما كوة مقابلة للأخرى. فاجتمع إلى أبي بكرة نفر يتحدثون في مشربته، فهبت ريح ففتحت باب الكوة، فقام أبو بكرة ليسفقها فبصر بالمغيرة وقد فتحت الريح باب كوة مشربته وهو بين رجلي امرأة، فقال للنفر: قوموا فانظروا. فقالوا فنظروا، ثم قال: اشهدوا، قالوا: ومن هذه؟ قال: أم جميل بنت الأفقم - وكانت أم جميل إحدى بني عامر بن صعصة، وكانت غاشية للمغيرة، وتغش الأمراء والأشراف - فقالوا: إنما رأينا أعجازاً ولا ندري ما الوجه. ثم إنهم صمتوا حين قامت. فلما خرج المغيرة إلى الصلاة حال أبو بكرة بينه وبين الصلاة وقال: لا تصل بنا. قالوا: فركب أبو بكرة إلى عمر بن الخطاب، فدخل عليه فأخبره.
فزعموا أن عمر لما رآه قال: اللهم إني أسألك خير ما جاء به، وأعوذ بك من شر ما جاء به. ثم قال: أبو بكرة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: لقد جئت بسوءة، قال: إنما جاء بها المغيرة بن شعبة. وقص عليه القصة. فبعث عمر عبد الله بن قيس وهو أبو موسى الأشعري أميراً على البصرة، وعزم عليه أن يسرح المغيرة إليه وأصحابه الذين يشهدون عليه حتى يقدم. فقال أبو موسى: يا أمير المؤمنين! أعني بنفر من الأنصار،