وبسنده عن سهل بن سعد قال: أخطأ الناس العدد، لم يعدوا من مبعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يعدوا من متوفاه، إنما عدوا من مقدمه المدينة.
وكان تأريخ قريش في الجاهلية بمكة من متوفي هشام بن المغيرة.
وبسنده عن ميمون بن مهران قال: وقع إلى عمر رضي الله عنه صك محله في شعبان فقال عمر: أي شعبان هذا؟ الذي مضى أو الذي هو آت أو الذي نحن فيه؟ ثم جمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لهم: ضعوا للناس شيئاً يعرفونه فقال قائل: اكتبوا على تأريخ الروم، فقيل: إنه يطول، وإنهم يكتبون من عدد ذي القرنين، وقال قائل: اكتبوا على تأريخ الفرس، فقيل: إن الفرس كلما قام ملك طرح ما كان قبله، فاجتمع رأيهم على أن ينظروا كم أقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، فوجدوه أقام بها عشر سنين فكتب أو فكتب التأريخ على هجرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبسنده عن ابن سيرين:
أن رجلاً من المسلمين قدم من أرض اليمن فقال لعمر: رأيت شيئاً يسمونه التأريخ، يكتبون من عام كذا وشهر كذا، فقال عمر: إن هذا لحسن فأرخوا، فلما أجمع على أن يؤرخ شاور، فاقل قوم: مولد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال قوم: بالمبعث، وقال قائل: حين خرج مهاجراً من مكة وقال قائل: الوفاة حين توفي. فقال: أرخوا خروجه من مكة إلى المدينة. ثم قال: بأي شهر نبدأ فنصيره أول السنة؟ فقالوا: رجب، فإن أهل الجاهلية كانوا يعظمونه، وقال آخرون: شهر رمضان، وقال بعضهم: ذو الحجة فيه الحج، وقال آخرون: الشهر الذي خرج من مكة، وقال آخرون: الشهر الذي قدم فيه. فقال عثمان: أرخوا المحرم أول السنة، وهو شهر حرام، وهو أول الشهور في العدة، وهو منصرف الناس عن الحج، فصيروا أول السنة المحرم فكان أول ما أرخ في الإسلام من مهاجر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الناس: سنة إحدى وسنة اثنتين إلى يومنا هذا، وكان التأريخ في سنة سبع عشرة، ويقال في سنة ست عشرة في ربيع الأول.