معه من أهل الشام وأهل بيته: أشيروا علي في هؤلاء الأسرى، فقال كل برأيه وموسى ساكت، فقال له مروان: ما لك يا بن نصير لا تتكلم؟! قال: أخاف يا أمير المؤمنين من الكلمة التي كانت بالأمس، قال: قل، فلست عندنا ظنيناً اليوم، قال: أرى أن تفك عانيهم، وتحسن صفادهم، وتبلغهم مأمنهم، وأن تعف عنهم، فيأتي الرجل قومه فيقول قيل ما لا يستطيعون رده من النبأ عليك، فقبل مروان مشورة موسى وفك عنهم، فقال رجل من مصر من مراد:" من الوافر "
جزاك الله يا بن نصير خيراً ... فقد أحييت من قتل وأسر
عشية قال مروان أشيروا ... علي برأيكم في أهل مصر
فقلت بما تراه الحط نصحاً ... ولم تك مثل نعمان وعمرو
فمن يكن كافراً نعماك يوماً ... فإني شاكر لك طول دهري
ثم صالح مروان أهل مصر، ودخلها صلحاً سنة خمس وستين، وخرج مروان راجعاً إلى الشام، واستخلف على مصر ابنه عبد العزيز وخلف معه بشر بن مروان.
وتوفي مروان بالشام، واستخلف عبد الملك، فكتب إلى أخيه بشر بن مروان وهو بمصر يوليه العراق، وكتب عبد الملك إلى أخيه عبد العزيز أن أشخص مع بشر موسى بن نصير وزيراً.
فخرج بشر ومعه موسى، فكان موسى على أمره كله إلى أن توفي بشر بن مروان، ورجع موسى بن نصير إلى مصر، فكان من آثر الناس عند عبد العزيز بن مروان.
وفي سنة تسع وسبعين غزا موسى بن نصير المغرب فقتل وسبى، حتى انتهى إلى طبنة وطنجة، فبلغ سبيهم عشرين ألفاً، وذلك سنة إحدى وثمانين، وفي سنة اثنتين وثمانين أغزى موسى بن نصير المغيرة بن أبي بردة العبدري إلى صنهاجة.