أهلك، والقه بوجه طلق، فإنك إن تكلفت له ما لا تطيق أوشك أن تلقاه بوجه يكرهه.
وعن ميمون قال: المروءة طلاقة الوجه، والتودد إلى الناس، وقضاء الحوائج.
كان ميمون صاحب ضيافة، وكان له مولى يأكل معه، يقال له زياد، فيأتي الضيف، فيؤتى بالقصعة من الزبد فيقول: كل يا زياد، فلعلك ليس عند أهلك غيرها، يريد بذلك الضيف، يسمع فلا يتكل ليأكل.
كتب ميمون إلى ابنه: أن أحسن معونة فلان، وأعطه من مالك، فلا يسأل الناس، فإن المسألة تذهب الحياء.
قال عيسى بن كثير الأسدي: مشيت مع ميمون بن مهران حتى أتى باب دار، ومعه ابنه عمرو، فلما أردت أن أنصرف قال له عمرو: يا أبه، ألا تعرض عليه العشاء؟ قال: ليس ذلك من نيتي.
وفي حديث بمعناه قال: كرهت أن أعرض عليه أمراً لم يكن في نفسي.
قال يونس: كان طاعون قبل بلاد ميمون بن مهران، فكتبت إليه أسأله عن أهله؛ فكتب إلي: بلغني كتابك تسألني عن أهلي، وإنه مات من أهلي وخاصتي سبعة عشر إنساناً وإني أكره البلاء إذا أقبل، فإذا أدبر لم يسرني أنه لم يكن، أما أنت فعليك بكتاب الله، فإن الناس قد لهوا عنه، يعني نسوه، واختاروا عليه الأحاديث أحاديث الرجال، وإياك والجدال والمراء في الدين، لا تمارين عالماً ولا جاهلاً، فإنك إن ماريت الجاهل خشن بصدرك ولم يطعك، وإن ماريت العالم خزن عنك علمه ولم يبال ما صنعت.
قال ميمون: من أساء سراً فليتب سراً، ومن أساء علانية فليتب علانية؛ فإن الناس يعيرون ولا يغفرون، والله يغفر ولا يعير.
قال جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: قل لي يا جعفر في وجهي ما أكره؛ فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.
قيل لميمون بن مهران: فلان اعتق كل مملوك له، فقال: يعصون الله مرتين: يبخلون به وهو في أيديهم حتى إذا صار لغيرهم أسرفوا فيه.