بلغ معاوية في ليلة أن قيصر يعد له في الناس، وأن ناقل بن قيس الجذامي غلب على فلسطين، وأخذ بيت مالها، وأن المصريين الذي كان سجنهم هربوا، وأن علي بن أبي طالب قصد له في الناس؛ فقال لمؤذنه أذن، هذه الساعة وذلك نصف الليل، فجاءه عمرو بن العاصي، فقال: لم أرسلت إلي؟ قال: ما أرسلت إليك! قال: ما أذن المؤذن هذه الساعة إلا من أجلي، قال: رميت بالقسي الأربع.
قال عمرو: أما قولك: الذين خرجوا من سجنك، فهم في سجن الله، وهم سراة لا رحلة لهم، فاجعل لمن أتاك برجل منهم أو برأسه ديته، فإنك ستوفى بهم، وانظر قيصر فوادعه وأعطه مالاً وحللاً من حلل مصر حتى يرضى منك بذلك، وانظر ناتل بن قيس فلعمري ما أغضبه الدين، وما أراد غلا ما أصاب، فاكتب إليه فهبه ذلك، فإن كانت لك قدرت عليه، وإن لم تكن لك فاجعل حدك وحديدك لهذا الذي عنده دم ابن عمك.
قال: وكان القوم كلهم خرجوا من سجنه غير ابن أبرهة بن الصباح، فقال معاوية: ما منعك أن تخرج مع أصحابك؟ قال: ما منعني عنه بغض لعلي ولا حب لك، ولكن ما أقدر عليه، فخلى عنه.
قال يعقوب: سار ناتل بن قيس في أربعة آلاف من قبل ابن الزبير.
وقيل: إن ناتل نزل أرض فلسطين، وقيل: نزل أجنادين فالتقى القوم، فقتل ناتل وابنه ووجوه فرسان عسكره.