قال ناصر: سمعت أبا بكر الشبلي يقول: الموت على ثلاثة أضرب: موت في حب الدنيا، وموت في حب العقبى، وموت في حب المولى، فمن مات في حب المولى مات عارفاً.
ذكر أبو المكارم أنه لما عزم الشبلي على صحة الصداقة بقلبه له أخذ كفه بكفه فقال: إن الله تبارك اسمه قد جمع فيك كمال السعادة ولذلك واجبتك بصحة الصداقة لكمال السعادة فيك، فقلت: وما هي؟ فقال: هو ما أخبرني به الجنيد بن محمد بن الجنيد عن أستاذه أبي النون المصري رحمهم الله قال: كمال السعادة سبع خصال: صفاء التوحيد، وعبرة العقل، وكمال الخلق، وحسن الخلق، وخفة الروح، وشرف النسب، وتحقيق التواضع.
ثم قال: اشكر الله يا أبا المكارم على هذه الخصال التي ركبها فيك الباري بفضله وطوله..... في الآخرة لك، إنه لطيف بالعباد.
تقلد ناصر القضاء بفلسطين وبلاد القدس في سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
قال: وبقيت على العمل سبع سنين، وكانت المشاهرة أربع مئة دينار، ما خلا منها، مع العطايا، ولم أصرف عن تلك الأعمال إلا بعد أن رأيت في المنام كأن أسود هائل المنظر يظهر لي من جو السماء ويقول: ما جزاء من اصطنعك لنفسه، وأفادك من مكنون خزائنه ومخزون علم أنبيائه أن تؤثر عليه غيره؟ فاستعفيت عن العمل واعتزلت الولاية، ورحلت إلى مكة بلا زاد ولا راحلة، فحججت وجاورت، وكنت حججت ست حجج، وكانت هذه السابعة.