للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاغتاظ المتوكل، وقال: إنما كذبني وغرني، وتقدم بتسليمه إليهم، وأن يخلع عليهم، فانصرفوا وهو بين أيديهم، فجمعوا بينهم صدراً من المال مال الضمان وحملوه، لأن مال نجاح لم يكن يفي بما ضمنوه عنه، وبسطوا عليه الضرب والعسف والتضييق.

وسأل المتوكل عنه الفتح مرات، وبلغ الخبر خبر ضربهم إياه، فقال لعبيد الله: إن أمير المؤمنين قد سألني عن نجاح ثلاث دفعات، وقد وقفت على ضربكم إياه، ولست آمن أن يتلف فينكر علي تركي تعريفه خبره، ولا بد من إخباره به، فدفعه عن ذلك، فلم يندفع، فقال له: أنت أعلم، فخبر المتوكل أنه مضيق عليه مضروب مقيد، فقال المتوكل: لا، ولا كرامة، تقدم بإحضار الحسين بن إسماعيل بن أخي إسحاق بن إبراهيم، وكان يتقلد الشرطة، بحضرته، فقال له: اقبض على نجاح فاجعله عندك، ووسع عليه، ولا يوصل إليه بسوء إلا بإذني.

ففعل ذلك وحماه، فلما رأت الجماعة ذلك أيقنت بالهلاك، ولم تشك أن نجاحاً سيعمل الحيلة عليهم، ففكروا في الاحتيال عليه إلى أن وجدوا عملاً عمله الحسين بن إسماعيل في وقت تقلده فارس، ألزمه فيه عشرين ألف ألف درهم.

وقيل: إنهم زوروا العمل، وادعوه على نجاح، فلما وقع في أيديهم أحضروا الحسين فأقرؤوه العمل، ثم قالوا له: أيها أحب إليك: نجاح أم نفسك؟ إما كفيتناه وإما أنفذنا هذا إلى أمير المؤمنين حتى يتقدم بمطالبتك به؛ فقال لهم: قد كفيتم.

وانصرف إليه، فوضع عليه فقتله في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومئتين.

فلما عرفوا خبره صاروا إلى المتوكل ليخبروه بموته، وهم وجلون مما سيرد عليهم منه، فتلقاهم الفتح، فأخبروه، فقال لهم: إنه كان البارحة في ذكره، وسيتهمكم.

وجاءهم رجاء الزيادي بإزار منام المعتز، وفيه أثر احتلامه في تلك الليلة، فلما رآه عبيد الله قال: توقف قليلاً حتى أدخل قبلك، قال: أخاف أن تبشره أنت بهذه النعمة، فقال: لا والله، لا فعلت.

ودخل عبيد الله والجماعة، وتوقف رجاء، فلما استقروا دخل رجاء الزيداني بالإزار، وعرفه الخبر، فخر ساجداً لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>