هذا لدحداح، ففهمها الشيخ، فقال: ما كنت أحسب أني أبقى في قوم يعيرونني بصحبة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له عبيد الله: إن صحبة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زين غير شين، ثم قال: إنما بعثت إليك لأسألك عن الحوض، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر فيه شيئاً؟ قال أبو برزة: نعم، لا مرة ولا ثنتين، ولا ثلاثاً ولا أربعاً، ولا خمساً، فمن كذب به فلا سقاه الله منه، ثم خرج مغضباً.
حدث عوف عن أبي المنهال قال: لما كان من خروج ابن زياد، ووثب مروان بالشام وابن الزبير بمكة، ووثب الذين يدعون القراء بالبصرة غم أبي غماً شديداً، وكان يثني على أبيه خيراً، قال لي: انطلق إلى هذا الرجل الذي من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبي برزة الأسلمي، فانطلقت معه حتى دخلنا عليه في داره وإذا هو في ظل غلولة من قصب في يوم شديد الحر.
قال: فجلسنا إليه، فكان أول شيء تكلم به قال:
إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطاً على أحياء قريش، وإنكم معين العرب، كنتم على الحال الذي قد علمتم من جهالتكم من القلة والذلة والضلالة، وإن الله نعشكم بالإسلام ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بلغ بكم ما ترون، وإن هذه الدنيا هي التي أفسدت بينكم، وإن ذاك الذي بالشام، والله، ما يقاتل إلا على الدنيا، وإن ذلك الذي بمكة، والله، ما يقاتل إلا على الدنيا، وإن الذين حولكم الذين تدعونهم قراءكم، والله، ما يقاتلون إلا على الدنيا.
قال: فلما لم يدع أحداً قال له أبي: فما تأمر إذاً؟ قال: لا أرى خير الناس اليوم إلا عصابة مكيدة، خماص البطون من أموال الناس، خفاف الظهور من دمائهم.
فقال له أبي: حدثنا كيف يصلي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المكتوبة؟ قال: كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، قال: وكان