قال: فجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح عن وجهه ويضحك، ثم غرمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأعرابي.
وكان نعيمان الأنصاري يدور في أسواق المدينة، فإذا دخل السوق طرفة من طرب أو فاكهة أو غير ذلك اشتراه، فأهداه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان فقيراً، فإذا كان من آخر النهار راح إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه صاحب الحق، فيقول؛ يا نبي الله، أعط هذا حقه من ثمن كذا وكذا، فيقول له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أو ما أهديته إلينا يا نعيمان؟ فيقول: والذي بعثك بالحق، ما معي قليل ولا كثير، ولقد رأيته فلم تطب نفسي أن أجوزه وأدعه، أو يشتريه أحد فيأكله قبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال: فيضحك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويأمر بدفع حق الرجل إليه.
كان مخرمو بن نوفل بن أهيب الزهري بالمدينة، وهو شيخ كبير أعمى، وكان قد بلغ مئة وخمس عشرة سنة، فقام يوماً في المسجد يريد أن يبول، فصاح به الناس، فأتاه نعيمان فتنحى به ناحية من المسجد، ثم قال: اجلس ههنا، فأجلسه يبول، فلما أجلسه وبال، ذهب وتركه، فصاح به الناس، فلما فرغ قال: من جاء بي، ويحكم إلى هذا الموضع؟ قالوا: نعيمان بن عمرو، قال: فعل الله به وفعل، أما إن لله علي إن ظفرت به أن أضربه بعصاتي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت.
فمكث ما شاء الله حتى نسي ذلك مخرمة، ثم أتاه يوماً وعثمان قائم يصلي في ناحية من المسجد، وكان عثمان إذا صلى لا يلتفت، فقال له: هل لك في نعيمان؟ قال: نعم، أين هو؟ دلني عليه، فأتى به حتى أوقفه على عثمان، فقال: دونك هذا هو، فجمع مخرمة يديه بعصاه فضرب عثمان فشجه.
فقيل له: إنما ضربت أمير المؤمنين عثمان، فاجتمع بنو زهرة في ذلك، فقال عثمان: دعوا نعيمان، لعن الله نعيمان.