أبايع، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: على ما أحببت وكرهت؟ قال واثلة: نعم، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فيما أطقت؟ فقال واثلة: نعم. فبايعه.
وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ يجهز إلى تبوك.
فخرج الرجل إلى أهله، فلقي أباه الأسقع، فلما رأى حاله قال: قد فعلتها؟ قال واثلة: نعم، قال أبوه: والله، لا أكلمك أبداً.
فأتى عمه وهو مول ظهره إلى الشمس، فسلم عليه فقال: قد فعلتها؟ قال: نعم، ولامه لائمة أيسر من لائمة أبيه، وقال: لم يكن ينبغي لك أن تسبقنا بأمر.
فسمعت أخت واثلة كلامه، فخرجت إليه، فسلمت عليه بتحية الإسلام، قال واثلة: أنى لك هذا يا أخية؟ قالت: سمعت كلامك وكلام عمك. وكان واثلة ذكر الإسلام، ووصفه لعمه، فأعجب أخته الإسلام، فأسلمت، فقال واثلة: لقد أراد الله بك يا أخية خيراً، جهزي أخاك جهاز غادٍ؛ فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جناح السفر.
فأعطته مداً من دقيق، فعجن الدقيق في الدلو، وأعطته تمراً، فأخذه، فأقبل إلى المدينة، فوجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد تحمل إلى تبوك، وبقي غرات من الناس، وهم على الشخوص، وإنما رحل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل ذلك بيومين، فجعل ينادي بسوق قينقاع: من يحملني وله سهمي؟ قال: وكنت رجلاً لا رحلة بي، فدعاني كعب بن عجرة، فقال: أنا أحملك عقبةً بالليل، ويدك أسوة يدي، ولي سهمك، قال واثلة: نعم.
فقال واثلة بعد ذلك: جزاه الله خيراً، لقد كان يحملني عقبتي ويزيدني، وآكل معه، ويرفع لي حتى إذا بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالد بن الوليد إلى أكيدر الكندي بدومة الجندل، خرج كعب بن عجرة في جيش خالد، وخرجت معه، فأصبنا فيئاً كثيراً، فقسمه خالد بيننا، فأصابني ست قلائص، فأقبلت أسوقها حتى جئت بها إلى جن كعب بن عجرة، فقلت: اخرج رحمك الله فانظر إلى قلائصك، فاقسمها.