فوافيناه شيخاً كثير السواد، رأسه مثل الثغام بفناء داره على طنفسة صاحياً. فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي، فقال عبيد الله بن عدي بن الخيار: أنت؟ قال: نعم، قال: أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى، وهي على بعيرها، إلى اليوم، فلما رأيتك عرفتك.
فجلسنا إليه، وقلنا: أتيناك نسألك عن حديث قتلك حمزة، فقال: أنا سأحدثكم بما حدثت به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كنت بمكة لجبير بن مطعم، وكان طعمة بن عدي عمه قتل يوم بدر، فقال: إن قتلت حمزة عم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنت حر، وكانت لي حربة أقذف بها قلماً أجلتها إلا قتلت.
فخرجت مع الناس يوم أحد وإنما حاجتي قتل حمزة، فلما التقى الناس أخذت حربتي، وخرجت أنظر حمزة، وهو في عرض الناس مثل الجمل الأورق، يهذ الناس بسيفه هذاً، فدنا مني إلا أنه تستر مني بأصل شجرة أو صخرة، إذ بدر من الناس فلان بن عبد العزى، وفي حديث: سباع بن عبد العزى، فلما رآه حمزة قال: هلم يا بن مقطعة البظور، فضربه، فوالله لكأنما أخطأ رأسه.
زاد في رواية: ما رأيت شيئاً أسرع من سقوط رأسه. وكانت أمه ختانة بمكة.
وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه، فوقعت بين كتفيه حتى خرجت من بين ثدييه، فتركته واستأخرت عنه حتى مات، رحمه الله، ثم قمت إليه حتى انتزعتها منه.
ثم أتيت العسكر فقعدت فيه، فلم يكن لي حاجة بغيره، وإنما قتلته لأعتق، فلما