قدم وكيع مكة حاجاً، فرآه بن عياض، وكان وكيع سميناً. فقال الفضيل: ما هذا السمن وأنت راهب العراق؟ فقال له وكيع: هذا من فرحي بالإسلام. فأفحمه.
قال سلم بن جنادة: جالست وكيع بن الجراح سبع سنين، فما رأيته بزق، ولا رأيته مس حصاة بيده، ولا رأيته جلس مجلسه فتحرك، وما رأيته إلا مستقبل القبلة، وما رأيته يحلف بالله.
أغلظ رجل لوكيع بن الجراح، فدخل وكيع بيتاً، فعفر وجهه في التراب، ثم خرج إلى الرجل، فقال: زد وكيعاً بدينه، فلولاه ما سلطت عليه.
قال بعض المشايخ: سألت وكيعاً عن مقدمه هو وابن إدريس وحفص على الرشيد هارون، فقال لي: ما سألني عن هذا أحد قبلك: قدمنا، فأقعدنا بين السريرين، فكان أول من دعا به أنا، فقال: يا وكيع، إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً، وسموك لي فيمن سموا، وقد رأيت أن أشركك في أمانتي وصالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة، فخذ عهدك وامض. فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ كبير، وإحدى عيني ذاهبة، والأخرى ضعيفة. فقال هارون: اللهم غفراً، خذ عهدك أيها الرجل وامض. فقلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت صادقاً إنه لينبغي أن تقبل مني، وإن كنت كاذباً فما ينبغي أن تولي القضاء كذاباً. فقال: اخرج، فخرجت.
ودخل ابن إدريس، وكان هارون قد وسم له من ابن إدريس وسم، يعني خشونة جانبه. فدخل فسمعنا صوت ركبتيه على الأرض حين برك، وما سمعناه يسلم إلا سلاماً خفياً، فقال له هارون: أتدري، لم دعوتك؟ قال: لا، قال: إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً وسموك لي فيمن سموا، وقد رأيت أن أشركك في أمانتي، وأدخلك في صالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة، فخذ عهدك وامض. فقال له ابن إدريس: ليس أصلح للقضاء؛ فنكت هارون بأصبعه، وقال له: وددت أني لم أكن رأيتك. قال له