قالوا: ثم قدم هبار بعد ذلك مسلماً مهاجراً، فاكتنفه ناس من المسلمين يسبونه، فقيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل لك في هبار يسب، ولا يسب. وكان هبار في الجاهلية فأتاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا هبار سب من سبك فأقبل عليهم هبار، فتفرقوا عنه. قالوا: فخرجت سلمى مولاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: لا أنعم الله بك عيناً، أنت الذي فعلت وفعلت، فقال: إن الإسلام محى ذلك. ونهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن سبه، والتعرض له.
قال جبير بن مطعم: كنت جالساً مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أصحابه في مسجده منصرفه من الجعرانة، فطلع هبار من باب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما نظر القوم إليه قالوا: يا رسول الله: هبار بن الأسود! قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد رأيته، فأراد بعض القوم القيام إليه، فأشار إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن اجلس، ووقف عليه هبار، فقال: السلام عليك يا رسول الله، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، ولقد هربت منك في البلاد، وأردت اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرت عائدتك وفضلك، وبرك، وصفحك عمن جهل عليك، وكنا يا رسول الله أهل شرك فهدانا الله تعالى بك، وتنقذنا بك من الهلكة، فاصفح عن جهلي، وعما كان يبلغك عني، فإني مقر بسوآتي، معترف بذنبي. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد عفوت عنك، وقد أحسن الله بك حيث هداك للإسلام، والإسلام يجب ما كان قبله. زاد في الحديث: قال الزبير: فجعلت أنظر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنه ليطأطىء رأسه استحياء منه مما يعتذر هبار، وجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: قد عفوت عنك.
حدث هبار أنه فاته الحج، فقال له عمر: طفت بالبيت واسع بين الصفا والمروة ثم احلق.