وفي حديث آخر فقال: إن قدميك صغيرتان، وكم من محصنة قد قذفتها، وإن لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حوضاً ما بين أيلة إلى كذا وكذا، وهو قائم بذناباه يقول: إلي إلي، فإن استطعت فلا تحرمه. قال: فلما قدمت قال: ما صنعت من شيء فلا تعظمه.
وللفرزدق رحلة مع أبيه، وهو صغير إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. قال الفرزدق: دخلت مع أبي على علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وبين يديه سيوف يذوقها، فقال لأبي: من أنت؟ قال: غالب بن صعصعة، قال: ذو الإبل الكثيرة؟ قال: نعم. قال: فمت فعلت؟ قال: ذعذعتها النوائب والحقوق، فقال: ذلك خير سبيلها، من هذا معك؟ فقال: هذا ابني همام، وهو يقول الشعر، فقال: علمه القرآن، فهو خير له.
سمي الفرزدق لشبه وجهه بالخبرة، وهي فرزدقة. واسمه همام. والفرزدق: الرغيف الضخم الذي تتخذ منه النساء الفتوت، ويقال للقطعة من العجين التي تبسط فيخبز منها، شبه وجهه بذلك لأنه كان غليظاً جهماً.
قال الجارود: كان رجل من بني رياح يقال له: ابن وثيل - وكان شاعراً - أتى الفرزدق بماء بظهر الكوفة على أن يعقر هذا مئة من الإبل، وهذا مئة من الإبل إذا وردت الماء. فلما وردت الإبل قاما إليها بالسيوف يكسعان عراقيبها، فخرج الناس على الحمران والبغال