قال الفرزدق: لما خرج الحسين لقيت عبد الله بن عمرو قلت له: إن هذا الرجل قد خرج فما ترى؟ قال: أرى أن تخرج معه، فإنك إن أردت دنيا أصبتها، وإن أردت آخرة أصبتها، فرحلت نحوه. فلما كنت ببعض الطريق بلغني قتله، فرجعت إلى عبد الله فقلت: أين ما قلت لي؟ قال: كان رأياً رأيته.
قال مغيرة: لم يكن أحد من أشراف العرب بالبادية كان أحسن ديناً من صعصعة جد الفرزدق، ولم يهاجر، وهو الذي أحيا ألف موءودة، وحمل على ألف فرس، وهو الذي افتخر به الفرزدق، فقال: المتقارب
ومنا الذي منع الوائدات ... فأحيا الوئيد فلم يوأد
قال صعصعة بن ناجية: أتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلمت، وعلمني آياً من القرآن، فقلت: يا رسول الله، إني عملت في الجاهلية أعمالاً، فهل في ذلك من أجر، قال: وما هي؟ قال: أضللت ناقتين لي عشراوين، فخرجت أبغيهما على جمل لي، فبينا أنا أسير إذ رفع لي بيتان في فضاء من الأرض، فقصدت نحوهما، فإذا في أحدهما شيخ، فقلت: هل أحسست من ناقتين عشراوين، قال: وما نارهما؟ قلت: ميسم بني دارم، قال: قد وجدتهما، وقد ولدتهما، وظأرتا على أولادهما، وقد أحيا الله بهما أهل بيت من قومك من مضر، فبينا هو يخاطبني إذ قالت امرأة من البيت الآخر: قد ولدت، قد ولدت، قال: وما ولدت؟ إن كان غلاما فقد شاركنا في قومنا، وإن كان جارية فادفناها،