فالتقيا، فضربه عدي، وأخذ لواءه، واقتتل الناس قتالاً شديداً، فدعا علي ببغلة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فركبها، وتعصب بعمامة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السوداء ثم نادى: أيها الناس، من يشري نفسه لله؟ من يبيع الله نفسه؟ هذا يوم له ما بعده، فانتدب معه ما بين عشرة آلاف إلى اثني عشر ألفاً، فتقدمهم علي وهو يقول:
دبوا دبيب النمل لا تقوتوا ... أصلحوا أمركم وبيتوا
حتى تنالوا الثأر أو تموتوا
فتبعه عدي بن حاتم وهو يقول:
أبعد عمار وبعد هاشم ... وابن بديل فارس الملاحم
نرجو البقاء ضل حكم الحاكم ... وقد عضضنا أمس بالأباهم
فاليوم لا نقرع سن نادم ... ليس امرؤ من يومه بسالم
وتبعه الأشتر في مذحج وهو يقول:
حرب بأسباب الردى تأجج ... يهلك فيها البطل المدجج
يكفيكها همدانها ومذحج
وحمل الناس حملة واحدة، فلم يبق لأهل الشام صف إلا أزالوه حتى أفضوا إلى معاوية، فدعا بفرسه لينجو عليه. قال معاوية: فلما وضعت رجلي في الركاب تمثلت بأبيات عمرو بن الإطنابة:
أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح