وقيل: لما أوحى الله إلى العقيم أن تخرج على قوم عاد، فينتقم له منهم، فخرجت بغير كيل على قدر منخر ثور حتى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب، فقال الخزان: يا رب، لن نطيقها، ولو خرجت على حالها لأهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها، فأوحى الله إليها أن ارجعي، فرجعت، على قدر خرق الخاتم، وهي الحلقة، فأوحى الله تعالى إلى هود أن يعتزل بمن معه من المؤمنين في حظيرة، فاعتزلوا، وخط عليهم خطاً، وأقبلت الريح، فكانت لا تدخل حظيرة هود، ولا تجاوز الخط، وإنما يدخل عليهم منها بقدر ما تلذ به أنفسهم، وتلين على الجلود، وإنها لتمر من عاد بالظعن فتحتمله بين السماء والأرض، فتدمغهم بالحجارة. وأوحى الله إلى الحيات والعقارب أن يأخذوا عليهم الطرق، فلم تعد غادياً يجاوزهم.
وعن مالك بن أنس قال: سئلت امرأة من بقية قوم عاد: أي عذاب الله رأيت أشد؟ قالت: كل عذاب شديد، وسلام الله ورحمته ليلة الريح فيها، قالت: ولقد رأيت العير تحملها الريح بين السماء والأرض.
قال الضحاك بن مزاحم: لما أهلك الله عاداً، ولم يبق منهم إلا هود والمؤمنون فتنجست الأرض من أجسادهم أرسل الله عليها دكادك الرمل، فرمستهم، فكان يسمع أنين الرجل من تحت الرمل من مسيرة يوم، فقال الله عز وجل لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية " يعني بالصرصر: الباردة، كانت تقع على الجلد فتحرقه برداً حتى ينكشط عن اللحم، ثم تصير اللحم كقطع النار " عاتية " يعني: عتت على الخزان، " سخرها عليهم " يعني أنه سلطها عليهم " سبع ليال وثمانية أيام حسوماً " هبت عليهم يوم الأربعاء غدوة، وسكنت يوم الأربعاء عشية " حسوماً ": متصلات، مستقبلات، مشؤومات " فترى القوم فيها صرعى " وذلك أنهم صفوا صفوفاً، وحفروا تحت أرجلهم إلى الركب، ورمسوها