يحلفون في الجاهلية إنه لكاذب عليها، فقال عتبة للفاكه: يا هذا، إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن.
فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف، وخرجوا معهم بهند، ونسوة معها. فلما شارفوا البلاد تنكرت حال هند، وتغير وجهها، فقال لها أبوها: إني أرى ما بك من تنكر الحال، وما ذاك عندك غلا لمكروه، فألا كان هذا قبل أن يشتهر للناس مسيرنا؟ قالت: لا والله يا أبتاه، ما ذاك لمكروه، وإني أعرف أنكم تأتون بشراً يخطئ ويصيب، ولا آمنه أن يسمني ميسماً يكون علي سبة في العرب، قال: إني سوف أختبره قبل أن ينظر في أمرك، فصفر لفرسه حتى أدلى، ثم أخذ حبة من حنطة، فأدخلها في إحليله، وأوكى عليها بسير. فلما وردوا على الكاهن أكرمهم، ونحر لهم. فلما تغدوا قال له عتبة: إنا قد جئناك في أمر، وإني قد خبأت لك خباً، أختبرك به، فانظر ما هو، قال: ثمرة في كمرة، قال: أريد أبين من هذا، قال: حبة من بر في إحليل مهر. قال: صدقت، انظر في أمر هؤلاء النسوة، فجعل يدنو من إحداهن فيضرب كتفها، ويقول: انهضي. حتى دنا من هند، فضرب كتفها، فقال: انهضي غير رسحاء، ولا زانية، ولتلدن ملكاً يقال له: معاوية. فوثب إليها الفاكه، فأخذ بيدها، فنترت يدها من يده، وقالت: إليك، فو الله لأحرصن على أن يكون ذاك من غيرك.
فتزوجها أبو سفيان، فجاءت بمعاوية.
قالت هند لأبيها: إني امرأة قد ملكت أمري، فلا تزوجني رجلاً حتى تعرضه علي، فقال لها: ذلك لك، ثم قال لها يوماً: إنه قد خطبك رجلان من قومك، ولست مسمياً لك واحداً منهما حتى أصفه لك: أما الأول ففي الشرف الصميم، والحسب الكريم، تخالين