فصاح زاغ زاغ زاغ، وطار ثم سقط في القمطر، فقلت ليحيى: أعز الله القاضي، وعاشق أيضاً؟! فضحك، قلت له: أيها القاضي، ما هذا؟ قال: هو ما ترى وجه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين وما رآه بعد. وكتب كتاباً لم أفضضه، وأظنه ذكر في الكتاب شأنه وحاله.
توفي يحيى بن أكثم سنة اثنتين وأربعين ومئتين، وقيل: غره سنة ثلاث وأربعين ومئتين. وكان قد توجه إلى الحجاز وحمل أخته معه، وعزم على أن يجاور. فلما اتصل به رجوع المتوكل له بدا له في المجاورة، ورجع يريد العراق، فمات بالربذة، ودفن بها، وله ثلاث وثمانون سنة.
قال محمد بن سلم الخواص الشيخ الصالح: رأيت يحيى بن أكثم القاضي في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: أوقفني بين يديه، وقال لي: يا شيخ السوء، لولا شيبتك لأحرقتك بالنار، فأخذني ما يأخذ العبد بين يدي مولاه. فلما أفقت قال لي: يا شيخ السوء لولا شيبتك لأحرقتك بالنار، فأخذني ما يأخذ العبد بين يدي مولاه. فلما أفقت قال لي: يا شيخ السوء فذكر الثالثة مثل الأوليين. فلما أفقت قلت: يا رب، ما هكذا حدثت عنك، فقال الله: وما حدثت عني - وهو أعلم بذلك - قلت: حدثني عبد الرزاق بن همام، حدثنا معمر بن راشد عن ابن شهاب الزهري عن أنس بن مالك عن نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن جبريل عنك يا عظيم أنك قلت: ما شاب لي عبد في الإسلام شيبةً إلا استحييت منه أن أعذبه بالنار. فقال الله: صدق عبد الرزاق، وصدق الزهري، وصدق أنس، وصدق نبيي، وصدق جبريل. أنا قلت ذلك، انطلقوا به إلى الجنة.