قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ربانيو الحديث أربعة: فأعلمهم بالحلال والحرام أحمد بن حنبل، وأحسنهم سياقة للحديث وأداء له علي بن المديني، وأحسنهم وضعاً لكتاب ابن أبي شيبة، وأعلمهم بصحيح الحديث وسقيمه يحيى بن معين.
قال أبو حاتم الرازي إذا رأيت البغدادي يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين فاعلم أنه كذاب.
قال جعفر بن محمد الطيالسي: صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة، فقام بين أيديهم قاص فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من قال لا إله إلا الله يخلق من كل كلمة منها طير منقاره من ذهب، وريشه من مرجان، وأخذ في قصة نحو من عشرين ورقة، فجعل أحمد ينظر إلى يحيى، ويحيى ينظر إلى أحمد، فيقول: أنت حدثته، فقال: والله ما سمعت به إلا هذه الساعة. فلما فرغ من قصصه وأخذ قطاعه، قال له يحيى بن معين: أن تعال، فجاء متوهماً لنوال يجيزه، فقال له يحيى: من حدثك بهذا الحديث؟ فقال: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، فقال: أنا يحيى بن معين، وهذا أحمد بن حنبل، ما سمعنا بهذا قط، فإن كان ولا بد والكذب فعلى غيرنا، فقال له: أنت يحيى بن معين؟ قال: نعم، قال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق، فقال له يحيى: وكيف علمت أني أحمق؟ قال: كأنه ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما، كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين غيركما، قال: فوضع أحمد كمه على وجهه فقال: دعه يقوم، فقام كالمستهزئ بهما.
قال يحيى بن معين: ما رأيت على رجل قط خطأ إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره، وما استقبلت رجلاً في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلا تركته.