لأقيدك من عامل كان عليك، ظلمته وشتمت عرضه، وعرضي معه، وأما التخلية بينك وبينه فلا، وايم الله ما كنت لأخلي بينك وبين أهلي تقطع أعراضهم، وأما ضرب عنقك فما كنت لأضرب عنق مسلم من غير أن يستحق، ولكني أفعل بك ما هو خير لك مما اخترت لنفسك، أعطيك ديتك، فإنهم عرضوك للقتل، واكفف عن ولد زياد، فلا يبلغني أنك ذكرتهم، وانزل أي البلاد شئت، وأمر له بعشرة آلاف درهم.
فخرج، ونزل الموصل، فأقام بها ما شاء الله.
كان أبو موسى وجه ناب بن ذي الجرة سنة عشرين وهو محاصر رامهرمز في مئتي راكب، فأتى قلعة دشتمول وهي قلعة ذي الزناق، وفيها خزائن وسلاح، فطرقهم ليلاً، وقد شربوا يومهم لعيد لهم، فأمنوا ولم يخافوا، فدب في أربعين رجلاً إلى باب الحصن وعليه حرس، لم يغلقوا الباب لغلبة السكر عليهم، فقتلوهم، ودخلوا القلعة، فوصلوا إلى ذي الزناق وقد بدر بهم وهم على دهش، فقاتلوهم فعانق ناب ذا الزناق، فعضه ذو الزناق، فقطع أصبعه، فلم يفارقه ناب وصرعه فقتله، وأعطى الآخر بأيديهم فقتلهم، وحوى ما في القلعة، فقال ابن مفرغ يمدح ناب بن ذي الجرة الحميري من أبيات:
وذو الزناق أتاه في فوارسه ... في عصبة قد شروا لله أطياب
إمامهم ماجد كالسيد يقدمهم ... حامي الحقيقة ماض غير مرتاب
حتى توسط جمعاً بعدما نذروا ... وقد تواصوا بحراس وحجاب
فعانق البش منهم حازم بطل ... وغودر القوم صرعى بين أبواب
قالوا: وقيل له: ذو الزناق أنه كان إذا ظفر برجل يحاربه، أو يخافه أو جنى