أما إنكم ستلقون بعدي ثلاثاً: ذلاً شاملاً، وسيفاً قاطعاً، وأثرة قبيحة، يتخذها فيكم الظالمون سنة، فتبكي لذلك أعينكم ويدخل الفقر بيوتكم. وستذكرون عند تلك المواطن، فتودون أنكم رأيتموني، وهرقتم دماءكم دوني، فلا يبعد الله إلا من ظلم. والله لوددت أني أقدر أن أصرفكم صرف الدينار بالدراهم، عشرة منكم برجل من أهل الشام.
فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنا وإياك كما قال الأعشى: البسيط.
علقتها غرضاً وعلقت رجلاً ... غيري وعلق أخرى غيرها الرجل
علقنا بحبلك، وعلقت أنت بأهل الشام، وعلق أهل الشام معاوية.
وعن دغفل قال: قال المال: أنا أسكن العراق، فقال الغدر: أنا أسكن معك. وقالت الطاعة: أنا أسكن الشام، قال الجفاء: أن أسكن معك. قال العيش: أنا أسكن مصر، قال الموت: أنا أسكن معك. وقالت المروءة: أنا أسكن الحجاز، فقال الفقر: وأنا أسكن معك.
قال أبو زكريا - يعني يحيى بن عثمان بن صالح: وسمعت أنه كان مكتوباً على صخرة بباب العريش يقرؤه من دخل مصر: ادخل إلى بلد وفي، وعيش رخي، وموت وحي.
وعن إسماعيل بن يسار قال:
لو أنزل أخوان من حصن، فسكن أحدهما الشام، وسكن الآخر العراق، ثم لقيت الشامي لوجدته يذكر الطاعة وأمر الطاعة والجهاد، ولو لقيت الآخر لوجدته يسأل عن السنة، يقول: كيف سنة كذا وكذا؟ وكيف الأمر في كذا وكذا؟ قال أبو هانئ المكتب: سئل عامر عن قتال أهل العراق وأهل الشام، فقال عامر: لا يزالون يظهرون علينا