إذا رقّ قلب درّت جفونه ... دموعاً له فيها سلوٌّ من الكمد
وإن غصّ بالأشجان من طول حزنه ... علاه اصفرار اللّون في الوجه والجسد
وأحمد حال الخائفين مقامهم ... على كمدٍ يضني النفوس مع الكبد
لعمرك ما لذّ المطيعون لذةٌ ... ألذّ وأحلى من مناجاة منفرد
قال أبو عبد الرحمن السلمي: واعتل يوسف بن الحسين الرازي، فدخل عليه بعض إخوانه، فقال له: مالك أيها الشيخ، وما الذي تجد؟ ألا ندعو لك بعض هؤلاء الأطباء؟ فأنشأ يقول: من الطويل
بقلبي سقامٌ ما يداوى مريضه ... خفيّ على العوّاد باقٍ على الدهر
كان مرحوم الرازي يتكلم في يوسف بن الحسين، فانتبه ليلة وهو يبكي، فقيل له: مالك؟ قال: رأيت كتاباً نزل من السماء، فلما قرب من الخلق إذا فيه مكتوب بخط جليل: هذه براءة ليوسف بن الحسين مما قيل فيه. فجاء إله، فاعتذر.
وكان يوسف بن الحسين يقول: اللهم إنك تعلم أني نصحت الناس قولاً، وخنت نفسي فعلاً، فهب لي خيانة نفسي بنصيحتي للناس.
وكان يتمثل كثيراً بهذا البيت: من الوافر
سأعطيك الرّضى وأموت غمّاً ... وأسكت لا أغمّك بالعتاب
كان آخر كلام يوسف بن الحسين: إليه دعوت الخلق إليك بجهدي، وقصرت نفسي بالواجب لك علي مع معرفتي بك، وعلمي فيك، فهبني لمن شئت من خلقك. قال: فمات، فرئي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: أوقفني بين يديه، وقال لي: يا عبد السوء، فعلت وعصيت! فقلت: يا سيدي، لم أبلغ هذا عنك، بلغت أنك كريم، والكريم إذا قدر عفا. فقال تعالى: تملقت لي بقولك: هبني لمن شئت من خلقك، اذهب فقد وهبتك لك.