قالت: فدونك. فأعرس بها عند القنطرة التي بالصفر. فبها سميت قنطرة أم حكيم. وأولم عليها في صح مدخله، فدعا أصحابه على طعام، فما فرغوا من الطعام حتى صفت الروم صفوفها صفوفاً خلف صفوف، وبرز رجل منهم معلم يدعو إلى البراز، فبرز إليه أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري، فنهاه أبو عبيدة، فبرز حبيب بن مسلمة، فقتله حبيب ورجع إلى موضعه. وبرز خالد بن سعيد، فقالت، فقتل. وشدت أم حكيم بنت الحارث عليها ثيابها وعدت، وإن عليها لردع الخلوق في وجهها، فاقتتلوا أشد القتال على النهر، فصبر الفريقان جميعاً، وأخذت السيوف بعضها بعضاً، فلا يرمى بسهم، ولا يطعن برمح، ولا يرمى بحجر، ولا يسمع إلا وقع السيوف على الحديد، وهام الرجال وأبدانهم. وقتلت أم حكيم يومئذ سبعة بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد معرساً بها.
وكانت وقعة مرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب.
وعن ابن مسهر أن عمر بن الخطاب تزوجها بعد خالد بن سعيد.
قال أبو حذيفة: وكان أمر اليرموك أن الروم لما صافت سار هرقل إلى الروم حتى نزل أنطاكية ومعه المستعربة: لخم، وجذام، وبلقين، وبلي، وعاملة، وتلك القبائل من قضاعة، ومعه من أهل أرمينية اثنا عشر ألفاً، فلما نزل أنطاكية بعث القيقلان خصياً له فسار بمائة ألف، وسار في أهل أرمينية حبرجة، وسار في قبائل قضاعة جبلة بن الأيهم الغساني وسائرهم من الروم، وعلى جماعة الناس القيقلان الخصي، وسار المسلمون وهم أربعة وعشرون ألفاً عليهم أبو عبيدة بن الجراح، فالتقوا باليرموك في سنة خمس عشرة، فاقتتل الناس قتالاً شديداً، فقاتل نساء بالسيوف حتى دخل العسكر منهن أم حكيم بنت الحارث بن هشام.