للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سئل ابن الجلاء عن الفقر، فسكت حتى خلا، ثم ذهب ورجع عن قريب وقال: كان عندي أربعة دوانيق فاستحييت من الله أن أتكلم في الفقر فذهبت فأخرجتها ثم قعد وتكلم في الفقر.

وكان ابن الجلاء يقول: لولا شرف التواضع لكان حكم الفقير أن يتبختر.

وكان يقول: آلة الفقير صيانة فقره، وحفظ سره، وأداء فرضه.

وقال ابن الجلاء: لا تضيعن حق أخيك اتكالاً على ما بينك وبينه من المودة والصداقة، فإن الله تعالى فرض لكل مؤمن حقوقاً لا يضيعها إلا من لم يراع حقوق الله عليه.

وقال: الدنيا أوسع رقعة وأكثر رحمة من أن يجفوك واحد، ولا يرغب فيك آخر، وأنشد: من البسيط

تلقى بكل بلادٍ إن حللت بها ... أهلاً بأهلٍ وإخواناً بإخوان

كان أبو عبد الله الجلاء يقول: لو أن رجلاً عصى الله بين يدي معصية أنظر إليه، ثم غاب فلا يجوز فيما بيني وبين الله عز وجل أن أعتقد فيه ذاك الذي رأيته بعيني، لأنه يمكن أنه قد تاب ورجع إلى الله عز وجل حين غاب عني.

لما مات ابن الجلاء نظروا إليه وهو يضحك، فقال الطبيب: إنه حي، ثم نظر إلى مجسه فقال: إنه ميت، ثم كشف عن وجهه فقال: لا أدري هو ميت أم حي. وكان في داخل جلده عرق على شكل: الله.

وقيل: هذا كان لوالده لا له.

توفي أبو عبد الله بن الجلاء يوم السبت ثاني عشر رجب سنة ست وثلاث مئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>