للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكنوز، قلت: فإن أعطيتنا قد بلغت وارتفعت، أفتخاف علينا منها؟ قال: أما اليوم فلا، ولكن يوشك أن يكون أثمان دينكم، فإذا كان أثمان دينكم فدعوهم وإياها.

وقال: قدمت المدينة، فبينما أنا في حلقة فيها ملأ من قريش إذ جاء رجل أخشن الثياب، أخشن الجسد، أخشن الوجه، فقام عليهم، فقال: بشر الكنازين برضف يحمى عليهم في نار جهنم، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتجلجل.

قال: فوضع القوم رؤوسهم، فما رأيت أحداً منهم رجع إليه شيئاً، فأدبر، فتبعته حتى جلس إلى سارية، فقلت: ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم، فقال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئاً، إن خليلي أبا القاسم دعاني، فقال: يا أبا ذر، فأجبته، فقال: ترى أحداً، فنظرت ما علي من الشمس، وأنا أظنه يبعث بي في حاجة له، فقلت: أراه، فقال: ما يسرني أن لي مثله ذهباً أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير، ثم هؤلاء يجمعون الدنيا، لا يعقلون شيئاً! فقلت: مالك ولإخوانك قريش، لا تعتريهم، وتصيب منهم؟ قال: لا وربك ما أسألهم دنيا، ولا أستفتيهم عن دين حتى ألحق بالله ورسوله.

قال مالك بن أوس بن الحدثان: قدم أبو ذر من الشام، فدخل المسجد وأنا جالس، فسلم علينا، وأتى سارية، فصلى ركعتين تجوز فيهما، ثم قرأ: ألهاكم التكاثر حتى ختمها، واجتمع الناس عليه، فقالوا له: يا أبا ذر، حدثنا ما سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لهم: سمعت حبيبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: في الإبل صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البر صدقته، من

<<  <  ج: ص:  >  >>