جمع ديناراً أو درهماً، أو تبراً، أو فضة لا يعده لغريم، ولا للنفقة في سبيل الله كوي به. قلت: يا أبا ذر، انظر ما تخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن هذه الأموال قد فشت. فقال: من أنت يا بن أخي؟ فانتسبت له، قال: قد عرفت نسبك الأكبر، ما تقرأ " والذين يكنِزُون الذهبَ والفضةَ ولا ينفقونَها في سبيلِ الله "؟ وفي رواية: قدم أبو ذر من الشام وأنا جالس مع عثمان بن عفان في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء أبو ذر فسلم عليه، فقال عثمان: كيف أنت يا أبا ذر؟ قال: بخير، فكيف أنت؟ ثم ولى وهو يقول:" ألهاكُمُ التكاثرُ حتى زُرْتُم المقابر "، ورفع صوته وكان صلب الصوت حتى ارتج المسجد بقراءة السورة كلها، حتى مالت القراءة إلى سارية من سواري المسجد. فصلى ركعتين فتجوز فيهما، فاحتوشه الناس وقالوا: حدثنا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجلست قبالة وجهه.
فذكر نحو ما تقدم.
قال عبيد الله بن شميط: سمعت أبي يقول: بلغنا أن أبا ذر كان يقول وهو في مجلس معاوية: لقد عرفنا خياركم من شراركم، ولنحن أعرف بكم من البياطرة بالخيل. فقال رجل: يا أبا ذر، أتعلم الغيب؟ فقال معاوية: دعوا الشيخ فالشيخ أعلم منكم، من خيارنا يا أبا ذر؟ قال: خياركم أزهدكم في الدنيا، وأرغبكم في الآخرة، وشراركم أرغبكم في الدنيا وأزهدكم في الآخرة.
حدثنا عبد الله بن الصامت قال: دخلت مع أبي ذر في رهط من غفار على عثمان من الباب الذي لا يدخل عليه منه، فتخوفنا عثمان عليه، فانتهى إليه، فسلم عليه وقال: أحسبتني منهم يا أمير المؤمنين؟ والله ما أنا منهم، ولا أدركهم، لو أمرتني أن آخذ بعرقوتي قتب لأخذت بهما حتى أموت. ثم استأذنه إلى الربذة، فقال: نعم نأذن لك.