للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريب، فنستأمره، فقدمنا مكة، وأخبرناه الخبر، فقال: رحم الله أبا ذر، وغفر له نزوله بالربذة. فلما صدر خرج، فأخذ طريق الربذة، وضم عياله إلى عياله، وتوجه نحو المدينة، وتوجهنا نحو العراق.

وعن إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه، عن أم ذر قالت: لما حضر أبا ذر الوفاة بكيت، فقال: ما يبكيك؟ قلت: وما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض، ولا يدان لي بتغييبك، وليس معنا ثوب يسعك كفناً، ولا لك. فقال: لا تبك، وأبشري، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لنفر أنا منهم: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية وجماعة، وإني أنا الذي أموت بالفلاة، والله ما كذبت، ولا كذبت، فأبصري الطريق. فقلت: أنى وقد ذهب الحاج، وتقطعت الطرق؟!؟ فقال: انظري. قالت: فكنت أشتد إلى الكثيب، فأقوم عليه، ثم أرجع إليه فأمرضه. فبينما أنا كذلك إذا أنا برجال على رواحلهم كأنهم الرخم، فألحت بثوبي، فأسرعوا، ووضعوا السياط في نحورها يستبقون إلي، فقالوا: مالك يا أمة الله؟ فقلت: امرؤ من المسلمين، تكفنونه، يموت، فقالوا: ومن هو؟ قلت: أبو ذر، قالوا: صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قلت: نعم. ففدوه بآبائهم وأمهاتهم، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه، فسلموا عليه، فرحب بهم، وقال: أبشروا، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يموت بين امرأين من المسلمين ولدان أو ثلاثة، فيصبران ويحتسبا، فيريان النار أبداً. وسمعته يقول لنفر أنا فيهم: ليموتن رجل منك بفلاة من الأرض، فتشهده عصابة من المسلمين وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية وجماعة، وإني أنا الذي أموت بفلاة، والله ما كذبت ولا كذبت. وقال: أنشدكم الله، لا يكفني منكم رجل كان أميراً أو عريفاً، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>