ما سأل صاحباي هذان، وأسألك علماً لا ينسى، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آمين. فقلنا: يا رسول الله، ونحن نسأل الله علماً لا ينسى. فقال: سبقكما الغلام الدوسي. وعن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: لقد ظننت يا أبا هريرة، لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، إن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قبل نفسه. قال أبي بن كعب: كان أبو هريرة جريئاً على أن يسأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أشياء لا يسأله عنها غيره. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أبا هريرة، كن ورعاً تكن من أعبد الناس، وكن قنعاً تكن من أغنى الناس، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وإياك وكثرة الضحك فإن ذلك يقسي القلب يا أبا هريرة. جاء أبو هريرة فسلم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعوده في شكواه، فأذن له، فدخل عليه فسلم وهو قائم، فوجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متسانداً إلى صدر علي، وقد مال علي بيده على صدره، ضامه إليه، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باسط رجليه فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادن يا أبا هريرة. فدنا، ثم قال: ادن. فدنا حتى مس أطراف أصابع أبي هريرة أطراف أصابع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم قال له: اجلس يا أبا هريرة، فجلس. فقال له: ادن مني طرف ثوبك. فمد أبو هريرة ثوبه. فأمسكه بيده ففتحه وأدناه من وجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أوصيك يا أبا هريرة، خصال لا تدعهن ما بقيت قال: نعم، أوصني بما شئت. قال له: عليك بالغسل يوم الجمعة، والبكور إليها، ولا تلغ ولا تله. أوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإنه صيام الدهر، وأوصيك بركعتي الفجر، لا تدعهما وإن صليت الليل كله، فإن فيهما الرغائب قالها ثلاثاً ضم إليك ثوبك. فضم ثوبه إلى صدره.