فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أسر هذا أم أعلنه؟ قال: بل أعلنه يا أبا هريرة. قال ثلاثاً. وعن أبي هريرة أنه قال: حفظت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعاءين، فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم. وفي حديث آخر: ثلاث جرب حديث، أخرجت منها رابين، ولو أخرجت الثالث خرجتم علي بالحجارة. قال أبو هريرة: لو حدثت الناس بما أعلم لرموني بالخزق: وقالوا: مجنون. الخزق: بالزاي والقاف. وعن محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم أنه قعد في مجلس فيه أبو هريرة، وفيه مشيخة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثير: بضعة عشر رجلاً، فجعل أبو هريرة يحدثهم عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديث فلا يعرفه بعضهم ثم يتراجعون فيه، فيعرفه بعضهم. ثم يحدثهم الحديث فلا يعرفه بعضهم ثم يعرفه، حتى فعل ذلك مراراً. قال: فعرفت يومئذٍ أن أبا هريرة أحفظ الناس عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعن أبي صالح قال: أبو هريرة لم يكن بأفضلهم، ولكنه كان رجلاً حافظاً.
كان أبو هريرة يقول: رب كيسٍ عند أبي هريرة لم يفتحه. يعني من العلم. وعن سعيد بن أبي الحسن قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر حديثاً من أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن مروان زمن هو على المدينة أراد أن يكتب حديثه كله، فأبى وقال: ارو كما روينا، فلما أبى عليه تغفله وأقعد له كاتباً لقناً ثقفاً، ودعاه، فجعل أبو هريرة يحدثه، ويكتب الكاتب حتى استفرغ حديثه أجمع، ثم قال مروان: تعلم أنا قد كتبنا