قال الحسن: كان أبو هريرة من أحسن القوم كلاماً. حدث رجل قال: أتيت على أبي هريرة وهو ساجد يقول: اللهم لا أزنين، اللهم لا أسرقن، اللهم لا أنافقن، اللهم لا أرتدن، فسكت عنه حتى فرغ وقلت: يا أبا هريرة، أوتخاف هذا وأنت من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: أمنت محرف القلوب؟! وما أدرى الرجل إذا أصبح على ما يمسي عليه، وإن أمسى على ما يصبح عليه؟! ثم قال: أمنت محرف القلوب؟! كان أبو هريرة يقول في آخر عمره: اللهم، إني أعوذ بك أن أزني أو أعمل بكبيرة في الإسلام. يقول بعض أصحابه: يا أبا هريرة، ومثلك يقول هذا وتخافه، وقد بلغت من السن ما بلغت وانقطعت عنك الشهوات، وقد شافهت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبايعته وأخذت عنه؟! قال: ويحكم، وما يؤمنني وإبليس حي؟! كان أبو هريرة إذا غدا من منزله لبس ثيابه ثم وقف على أمه فقال: السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته، وجزاك الله عني خيراً كما ربيتني صغيراً. فترد عليه: وأنت، فجزاك الله عني خيراً كما بررتني كبيرة. ثم يخرج، فإذا رجع قال مثل ذلك. ولم يحج أبو هريرة حتى ماتت أمه. لقيت أبا هريرة ابنة له فقالت: إن الجواري يعيرنني يقلن: إن أباك لا يحليك بالذهب. فقال: قولي لهن: إن أبي لا يحليني الذهب، يخشى علي حر اللهب. قال أبو هريرة: لما قدمت من البحرين قال عمر: يا عدو الله وعدو الإسلام، خنت مال الله. قال: لست بعدو الله ولا عدو الإسلام، ولكني عدو من عاداهما، ولم أخن مال الله، ولكنها أثمان خيل لي تناتجت عندي، وسهمان لي اجتمعت. قال: فكرر ذلك علي ثلاث مرات. فكل ذلك أرد عليه.