زاد في رواية: فنظروا فوجدوه كما قال، فأغرمني اثني عشر ألف درهم قال: فقمت في صلاة الغداة فقلت: اللهم اغفر لأمير المؤمنين. فأرادني بعد ذلك على العمل فقلت: لا أعمل لك. قال:
أوليس يوسف كان خيراً منك وقد سأل العمل؟ قلت: إن يوسف نبي وابن نبي وأنا ابن أميمة وإني أخاف ثلاثاً واثنتين. قال: ألا تقول خمساً؟ قلت: لا، أخاف أن أقول بغير حكم، وأقضي بغير علم، وأن يضرب ظهري، ويشتم عرضي، ويؤخذ مالي. كان مروان ربما استخلف أبا هريرة على المدينة. فيركب حماراً قد شد عليه برذعة. وفي رأسه خلبة من ليف فيسير فيلقى الرجل فيقول: الطريق! قد جاء الأمير. وربما أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الأعراب فلا يشعرون بشيء حتى يلقي نفسه بينهم، ويضرب برجليه، فيفزع الصبيان، فيفرون. قال أبو رافع: وربما دعاني إلى عشائه بالليل فيقول: دع العراق للأمير. فأنظر فإذا هو ثريدة بزيت.
قال ثعلبة بن أبي مالك: أقبل أبو هريرة في السوق يحمل حزمة حطب وهو يومئذ خليفة لمروان فقال: أوسع الطريق للأمير يا بن أبي مالك. فقلت: أصلحك الله، يكفي هذا! فقال: أوسع الطريق للأمير والحزمة عليه. دث أبو الزعيزعة، كاتب مروان، قال: بعث مروان إلى أبي هريرة بمئة دينار. فلما كان الغد أرسل إليه فقال: إنه ليس إليك بعثت، وإنما غلطت. فقال: ما عندي منها شيء، وإذا خرج عطائي فاقبضوها. قال: وإنما أراد مروان أن يعلم أينفقها أم يحبسها. كان أبو هريرة يسب مروان، فإذا أعطاه سكت. قال أبو هريرة: ما من أحد من الناس يهدي إلي بهدية إلا قبلتها، فأما المسألة فإني لم أكن أسأل.