فقال معاوية: ما خطبك؟ فقال: تزوجت ابنة عم لي، وكانت لي صرمة من إبل وشويهات فأنفقت ذلك عليها، فلما أصابتني نائبة الزمان رغب عني أبوها، وكانت جارية فيها الحياء والكرم فكرهت مخالفة أبيها، فأتيت عاملك ابن أم الحكم فذكرت ذلك له، وبلغه جمالها، فأعطى أباها عشرة آلاف درهم، فتزوجها وأخذني فحبسني وضيق علي، فلما أصابني مس الحديد وألم العذاب طلقتها، وقد أتيتك يا أمير المؤمنين وأنت غياث المحروب، وسند المسلوب، فهل من فرج؟ ثم بكى وقال في بكائه: من المجتث
وفي القلب مني نار ... والنار فيها شنار
وفي فؤادي جمر ... والجمر فيه شرار
والجسم مني نحيل ... واللون فيه اصفرار
والعين تبكي بشجو ... فدمعها مدرار
والحب داء عسير ... فيه الطبيب يحار
حملت منه عظيماً ... فما عليه اصطبار
فليس ليلي ليلاً ... ولا نهاري نهار
فرق له معاوية، وكتب له إلى ابن أم الحكم كتاباً عظيماً، وكتب في آخره: من البسيط
ركبت أمراً عظيماً لست أعرفه ... أستغفر الله من جور امرئ زاني
قد كنت تشبه صوفياً له كتب ... من الفرائض أو آيات فرقان
حتى أتاني الفتى العذري منتحباً ... يشكو إلي بحق غير بهتان
أعطي الإله عهوداً لا أخيس بها ... أولا قربت من دين وإيمان
إن أنت راجعتني فيما كتبت به ... لأجعلنك لحماً بين عقبان
طلق سعاد وفارقها بمجتمع ... أشهد على ذاك نصراً وابن ظبيان
فما سمعت كما بلغت من عجب ... ولا فعالك حقاً فعل إنسان
فلما ورد كتاب معاوية على ابن أم الحكم، تنفس الصعداء وقال: وددت أن أمير