للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين خلى بيني وبينها سنة ثم عرضني على السيف، وجعل يؤامر نفسه في طلاقها فلا يقدر، فلما أزعجه الوفد طلقها. ثم قال: يا سعاد اخرجي، فخرجت شكلة غنجة ذات هيئة وجمال، فلما رآها الوفد قالوا: ما تصلح هذه إلا لأمير المؤمنين لا لأعرابي. وكتب جواب كتابه: من البسيط

لا تحنثن أمير المؤمنين فقد ... أوفى بعهدك في رفق وإحسان

وما ركبت حراماً حين أعجبني ... فكيف سميت باسم الخائن الزاني

وسوف تأتيك شمس لا خفاء بها ... أبهى البرية من إنس ومن جان

حوراء يقصر عنها الوصف إن وصفت ... أقول ذلك في سري وإعلاني

فلما ورد الكتاب على معاوية قال: إن كانت أعطيت حسن النغمة مع هذه الصفة فهي أكمل البرية، فاستنطقها فإذا هي أحسن الناس كلاماً، وأكملهم شكلاً ودلاً. فقال: يا أعرابي، هل من سلو عنها بأفضل الرغبة؟ قال: نعم، إذا فرقت بين رأسي وجسدي. ثم أنشأ الأعرابي يقول: من البسيط

لا تجعلني والأمثال تضرب لي ... كالمستغيث من الرمضاء بالنار

اردد سعاد على حيران مكتئب ... يمسي ويصبح في هم وتذكار

قد شفه قلق ما مثله قلق ... وأسعر القلب منه أي إسعار

والله والله لا أنسى محبتها ... حتى أغيب في رمس وأحجار

كيف السلو وقد هام الفؤاد بها ... وأصبح القلب عنها غير صبار

فغضب معاوية غضباً شديداً، ثم قال لها: اختاري إن شئت أنا، وإن شئت ابن أم الحكم، وإن شئت الأعرابي. فأنشأت سعاد تقول: من الرجز

هذا، وإن أصبح في أطمار ... وكان في نقص من اليسار

أكبر عندي من أبي وجاري ... وصاحب الدرهم والدينار

أخشى إذا غدرت حر النار

<<  <  ج: ص:  >  >>