للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: يا نفس، هذا موقف إن لم تشتدي فيه هلكت.

فقال أبو الخصيب: أنشد، فأنشدته: من الطويل

سرى ثوبه عنك الصّبا المتخايل ... وقرّب للبين الخليط المزايل

حتى انتهيت إلى قولي:

له لحظات في حوافي سريره ... إذا كرّها فيها عقاب ونائل

فأمّ الذي أمّنته تأمن الرّدى ... وأمّ الذي حاولت بالثّكل ثاكل

فقال: يا غلام، ارفع عني الستر، فرفع؛ فإذا وجهه كأنه فلقه قمر، ثم قال: تمّم القصيدة؛ فلّما فرغت منها قال: ادن، فدنوت، ثم قال: اجلس، فجلست، وبين يديه مخضرة، فقال: يا إبراهيم قد بلغني عنك أشياء، لولا ذلك لفضّلتك على نظرائك، فأقرّ لي بذنوبك أعفها عنكّ فقلت: هذا رجل فقيه عالم، وإنّما يريد أن يقتلني بحجّة تجب عليّ، فقلت: يا أمير المؤمنين، كلّ ذنب بلغك ممّا عفوته عني، فأنا مقرّ به؛ فتناول المخصرة فضربني بها، فقلت: من الرجز

أصبر من ذي ضاغط عركرك ... ألقى بواني زوره للمبرك

قال: ثم ثنّى فضربني، فقلت: من الرجز

أصبر من عود بجنبيه جلب ... قد أثّر البطان فيه والحقب

ثم قال: قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم وخلعة، وألحقتك بنظائرك من طريح بن إسماعيل، ورؤبة بن العجّاج، ولئن بلغني عنك أمر أكرهه لأقتلنّك؛ قلت: نعم، أنت في حلّ من دمي إن بلغك أمر تكرهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>