من الجانب الأيسر، وقد جعل الجانب الأيمن لمضر والأيسر لليمن، وهذا دليل على تقدمته إيّأنا عليكم؛ إلا إن مجلسك يا رئيس المضريّة في غد من الجانب الأيسر، ومجلسك يا رئيس اليمانيّة من غد في الجانب الأيمن، وهذان الجانبان نوب بينكما، يكون كلّ من كان فيه في يومه متحوّل عنه في غده إلى الجانب الآخر؛ ثم سمّيت الله، ومددت يدي إلى طعامي، فطعمت وطعموا معي، فانصرف القوم عنّي في ذلك اليوم، وكلّهم لي حامد.
ثم كانت تعرض الحاجة لبعض الحيّين، فاسأل قبل أن أقضيها له: هل لأحد من الحيّ الآخر حاجة شبه حاجة السائل؟ فإذا عرفتها قضت الحاجتين في وقت واحد، فكنت عند الحيّين محموداً، لا أستحقّ عند واحد منهم ذمّاً ولا عيباً ولا نبزاً ينبز به.
قال أبو بكر الخطيب: بويع له بالخلافة ببغداد في أيام المأمون، وقاتل الحسن بن سهل، وكان الحسن أميراًمنقبل المأمون، فهزمه إبراهيم، فتوجّه نحوه حميد الطّوسيّ، فهزمه حميد، واستخفى إبراهيم مدّة طويلة حتى ظفر به المأمون فعفا عنه، وكان أسود حالك اللّون، عظيم الجثّة، ولم ير في أولاد الخلفاء قبله أفصح منه لساناً، ولا أجود شعراً.
قال: وكان إبراهيم وافر الفضل، غزير الأدب، واسع النّفس، سخيّ الكفّ، وكان معروفاً بصنعة الغناء، حاذقاً بها، وله يقول دعبل بن علي يتقرّب بذلك من المأمون: من الكامل
نعر ابن شكلة بالعراق وأهلها ... فهفا إليه كلّ أطلس مائق
إن كان إبراهيم مضطلعاً بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق
وقال ابن ماكولا: أما التّنّين، أوله تاء معجمة باثنتين من فوقها، وبعدها نون مشدّدة مكسورة، فهو إبراهيم بن المهدي بن المنصور، أمير المؤمنين، كنيته أبو إسحاق، أمّه شكله نسب إليها، وكانت سوداء، وكان شديد السّواد، عظيم الجسم، فلقّب التّنّين