فأنشدها عمر بن بزيع المهديّ، فضحك، وسارت الأبيات، فقال أسيد بن أسيد وكان وافر اللّحية: ينبغي لأمير المؤمنين أن يكفّ هذا الماجن عن النّاس، فبلغت آدم، فقال: من الرمل
لحية تّمت وطالت ... لأسيد بن أسيد
يعجب النّاظر منها ... من قريب أو بعيد
هي إن زادت قليلاً ... قطعت حبل الوريد
قال: وكان المهديّ يدني آدم ويحبّه ويقرّبه، وهو الذي قال لعبد الله بن عليّ لمّا أمر بقتله بنهر أبي فطرس: إن أبي لم يكن كآبائهم، وقد علمت مذهبه فيكم؛ فقال: صدقت، وأطلقه؛ وكان طلق النّفس، متصوّناً، ومات على توبة ومذهب جميل.
وعن الزّبير، قال: وكان آدم بن عبد العزيز كلباً على الفدّام والسّؤّال، وكان بطّالاً، فجاء أعرابيّ إلى فيئة فقال: هل تعرفنّ أحداً يصنع المعروف ويرغب فيه؟ فدلّوه على آدم، وقالوا: ذاك ابن الخليفة عمر بن عبد العزيز، فجاءه وهو جالس في فتية من بني عمّه، فقال: يا آدم، إنّ السّماء حبست قطرها، والأرض نبتها، وإن البادية أجحفت بنا، وإن عيالي قد هلكوا جوعاً، ووقع النقار في غنمي، فانظر في أمري؛ فقال آدم: يا ابن الخبيثة، والله لوددت أن السّماء صارت عليك طبق نحاس، لا تبضّ بقطرة، وأن الأرض ضنّت عليك فلا تنبت سنبلةً، وأن عيالك ماتوا قبل أن تأتيني بخمسمئة سنةً؛ يا بليق خذه، فوثب الكلب عليه فشقّ فروه وعقره؛ فتنحّى الأعرابيّ غير بعيد ثم قال: يا آدم، لقد خلقك اله فشوّه خلقك، ورزقك العظيمة في صرفك، فأعضّك الله ببظر أمك وبظر أمهّات هؤلاء الذين حولكّ.